يعدُّ مرضُ السرطان مجموعةَ أمراض مترابطة تحدث عندما تنقسم الخلايا غير الطبيعيَّة أو الشاذَّة من دون أيَّة سيطرة أو تحكُّم. يمكن أن تهاجم الخلايا السرطانية وتدمِّر الأنسجةَ القريبة، وتنتشر في مختلف أجزاء الجسم عبرَ الدم والأوعية اللِّمفية. وبالرغم من أنَّ السرطانَ يبقى ثاني أهمِّ سببٍ للوفاة في الولايات المتَّحدة مثلاً، لكنَّ التطوُّرَ الذي حدث في طرق الكشف عنه وتشخيصه وطرق معالجته ساهم في شفاء الكثير من حالات السرطان.
نقاط رئيسية
● هناك أدلَّة علمية محدودة تقول إنَّ بعضَ طرق الطبِّ التكميلي المذكورة هنا يمكن أن تنجحَ في معالجة بعض أعراض مرض السرطان، وبعض التأثيرات الجانبية للعلاج. ولكن، في الوقت الحالي، لا يوجد دليلٌ مقنع يثبت مدى فعَّالية هذه الطرق في الوقاية من السرطان أو معالجته.
● وقبلَ استخدام هذه الطرق، يجب على الشخص المصاب بالسرطان أن يتحدَّثَ مع مقدِّم الرعاية الصحية المسؤول عن معالجة حالته ليتأكَّدَ من نجاح جميع الطرق المتَّبعة في علاجه. كما يجب الحذر، فبعضُ المكمِّلات الغذائية قد تتعارض مع الطرق الرئيسية لعلاج السرطان.
● يجب أن يخبر الشخصُ جميعَ مقدِّمي الرعاية الصحية الذين يتابعون حالتَه الصحِّية عندما يستخدم أحدَ طرق العلاج بالطبِّ التكميلي، مع تزويدهم بجميع التفاصيل، فهذا يضمن العلاج الآمن للحالة.
حول طرق الطب التكميلي
يشير هذا المصطلحُ إلى مجموعةٍ متنوِّعة من أنظمة الرعاية الصحِّية والطبية وبعض الممارسات والمنتَجات التي تأتي من خارج دائرة الطب التقليدي، كما يشمل المنتجات الطبيعية مثل المكمِّلات الغذائية والأعشاب والبروبيوتكس، وطرق العلاج الجسدية والذهنية مثل التأمُّل والوخز بالإبر والتدليك.
لقد بدأ تطبيقُ بعض طرق الطب التكميلي في معالجة مرض السرطان، ولكن ليس كطرق علاج أساسية، إنَّما كطرق إضافية تساعد المرضى على الشعور بتحسُّن.
استخدام الطب التكميلي في معالجة السرطان
يستخدم الكثيرُ من مرضى السرطان الطبَّ التكميلي؛ فطبقاً لدراسة على الأمريكيين أُجرِيَت عام 2007، فإنَّ أكثر من ثلث عدد البالغين، وهو ما يعادل حوالي 38٪، قد استخدموا بعضَ طرق العلاج بالطب التكميلي. كما أظهرت الدراسات أنَّ غالبيةَ الأشخاص الذين استخدمو العلاجَ بالطبِّ التكميلي كانوا من مرضى السرطان. وذكر 40٪ ممَّن تعافوا من المرض أنَّهم استخدموا الطبَّ التكميلي. وتتشابه معدَّلاتُ من استخدموا الطبَّ التكميلي في علاج السرطان ومعدَّلات من يعانون من أمراض مزمنة أخرى، مثل التهاب المفاصل والربو ومرض الأمعاء الالتهابي ومتلازمة القولون العصبي والقرحة. وأشهرُ الطرق التي استخدمها الناجون من السرطان كانت العلاج بالأعشاب والمنتجات الطبيعية بنسبة 20٪، يليها استخدامُ طريقة التنفُّس العميق بنسبة 14٪، ثم التأمُّل بنسبة 9٪.
تقول دراساتٌ أخرى إنَّ العلاجَ بالطبِّ التكميلي شائعٌ بين مرضى السرطان، بالرغم من أنَّه يُستخدَم على نطاقٍ واسع في حالاتٍ أخرى. كما أظهرت الدراسات أنَّ مرضى السرطان غالباً لا يتوقَّعون الشفاءَ عند استخدامهم طرق العلاج بالطبِّ التكميلي، ولكنَّهم يستخدمونها لتقوية جهاز المناعة وتخفيف الآلام أو لعلاج بعض الآثار الجانبية التي يعانون منها والناتجة من المرض أو عن معالجته. ويقول القليلُ من مرضى السرطان إنَّهم يستخدمون الطبَّ التكميلي لأنَّهم يئسوا من طرق علاج السرطان المعتادة. وتُعدُّ حماستُهم عندَ استخدام طرق العلاج بالطب التكميلي ميزة نافعة، حيث يسعون إلى السيطرة على صحَّتهم أو يكون لديهم إيمانٌ كبير بالطبِّ التكميلي.
وتشير الدراساتُ إلى أنَّ الكثير من مرضى السرطان أو الناجين منه يستخدمون الفيتامينات والمعادن، دون علم مقدِّمي الرعاية الصحِّية لهم.
ماذا يقول العلم
حتَّى الآن لا يُعرَف إلاَّ القليل نسبياً حولَ سلامة وفعَّالية العلاج بالطب التكميلي بالنسبة لمرضى السرطان، ولكن خضعت بعضُ هذه الطرق لتقييم دقيق ولا تزال الكثير من الدراسات جارية.
الوقاية من السرطان باستخدام الطبِّ التكميلي
● بالرغم من أنَّ الأبحاثَ لا تزال جاريةً حول دور الفيتامينات والمكمِّلات المعدنية في الوقاية من السرطان، لم تظهر أدلَّةٌ قاطعَة تثبت فعَّالتيها في الوقاية من السرطان.
● طبقاً لما جاء عن الجمعية الوطنية الأمريكيَّة للسرطان، فإنَّ المكمِّلات التي تحتوي على الفيتامين B6 و B12 و E و C والبيتا كاروتين وحمض الفوليك والسِّيلينيوم خضعت للدراسة، ولكن لم تثبت فعَّاليتها في الوقاية من السرطان.
● كما تقول دراستان كبيرتان، على كلٍّ من ألفا توكوفيرول Alpha-Tocopherol والبيتا كاروتين والرِّيتينول، إنَّ المكمِّلات التي تحتوي على البيتا كاروتين تزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة بين المدخِّنين.
● كما تقول بعضُ المعلومات من دراسة مستقلَّة، بعنوان تجربة الوقاية من السرطان بالسيلينيوم والفيتامين E، إنَّ مكمِّلات الفيتامين E والسِّيلينيوم سواء تناولهما الشخصُ كلاً على حدة أم معاً لا تقي من سرطان البروستات. كما يقول تحليل جديد من هذه الدراسة أُجرِيَ عام 2011 إنَّ مكمِّلات الفيتامين E تزيد بشكلٍ كبير نسبةَ الإصابة بسرطان البروستات عند الرجال الأصحَّاء. ولكن، لم ترتفع نسبةُ الإصابة بسرطان البروستات عندَ تناول الفيتامين E والسيلينيوم معاً.
● لكن، وُجِدَت أدلَّّةٌ بسيطة تثبت قدرةَ ثلاثة مضادَّات للأكسدة على الوقاية من السرطان (الفيتامين C و الفيتامين E وتميم الإنزيم Q10).
● لم تجد دراسةٌ أُجرِيت عام 2008 على عشرين تجربةٍ سريرية دليلاً مقنعاً يثبت أنَّ المكمِّلات التي تحتوي على مضادَّات الأكسدة تقي من سرطان الجهاز الهضمي، ولكنَّها وجدت بعضَ المؤشِّرات على أنَّ بعض هذه المكمِّلات قد تزيد من معدَّل الوفيات إجمالاً.
وتناولت هذه الدراسةُ البيتا كاروتين والسِّيلينيوم والفيتامينات A و C و E؛ ولكن أظهر استخدامُ السيلينيوم وحدَه بعضَ الفوائد الوقائية.
● قد يخفض تناولُ جرعاتٍ كبيرة من الكالسيوم خطرَ الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، ولكنَّ الجمعيةَ الوطنية الأمريكيَّة للسرطان تقول إنَّ الأدلَّةَ الموجودة لا تدعم نظريَّةَ تناول مكمِّلات الكالسيوم للوقايةِ من سرطان القولون والمستقيم.
كما أنَّ الكثيرَ من الدراسات التي أُجريَت عام 2009، بمشاركة أكثر من 1.6 مليون شخص، وجدت أدلَّة "غير كافية ومتناقضة" حولَ العلاقة بين استهلاك الشاي الأخضر والوقاية من السرطان.
دورُ الطبِّ التكميلي في معالجة السرطان
خلصت دراسةٌ أمريكيَّة أُجرِيت عام 2008 إلى أنَّ بعضَ المكمِّلات الغذائية النباتية المستخدَمة في الطبِّ الهندي القديم والطبِّ الصيني التقليدي لها دورٌ في علاج السرطان. ولكنَّ الأدلَّةَ العلميَّة محدودة. ولا تزال بحوثُ المكمِّلات الغذائية النباتية في علاج السرطان في مراحلها الأوَّلية. كما تشير الدراسة أيضاً إلى أنَّ المكمِّلات الغذائية النباتية قد تسبِّب بعضَ الآثار الجانبية، وقد تتفاعل مع العقاقير المضادَّة للسرطان ومميِّعات الدم والعقاقير الأخرى.
ولم تتَّضِح حتَّى الآن جدوى أو ضرر استخدام مكمِّلات الفيتامينات والمعادن لمرضى السرطان؛ فعلى سبيل المثال, قد يحسِّن تناولُ الفيتامينات المتعدِّدة يومياً الحالةَ الغذائية للمريض الذي لا يستطيع تناولَ نظام غذائي صحِّي. ولكن هناك مخاوف من تعارض هذه المكمِّلات مع علاج السرطان أو زيادة نسبة انتكاسة المرض.
تذكر بعضُ البحوث فوائدَ استخدام مضادَّات الأكسدة في الوقاية من السرطان، ولكن لا توجد أدلَّة علميَّة كافية تثبت ذلك. كما لم تثبت حتَّى الآن صحَّةُ استخدام مضادَّات الأكسدة مع العلاج الكيميائي أو الإشعاعي. ويقول بحثٌ نُشِر عام 2008 إنَّ مكمِّلات مضادَّات الأكسدة قد تقلِّل من فعَّالية العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.
العلاج التكميلي لأعراض مرض السرطان والآثار الجانبية
وجدت بعضُ الدراسات أنَّ الوخزَ بالإبر مفيدٌ لمنع التقيُّؤ والغَثَيان الذي يسبِّبه العلاجُ الكيميائي. وبالرغم من أنَّ بعضَ الدراسات القديمة أثبتت فوائدَ ذلك، إلاَّ أنَّ أبحاثَ الوخز بالإبر لتخفيف الألم عندَ مرضى السرطان ولتخفيف الأعراض الأخرى للمرض لا تزال محدودة.
وتذكر الكثيرُ من الدراسات أنَّ التنويمَ المغناطيسي والتدليك والتأمُّل واليُوغا قد تساعد مرضى السرطان في التغلُّب على أعراض المرض وآثاره الجانبية. على سبيل المثال, خلصت دراسةٌ شارك فيها 380 من مرضى السرطان، وكانت حالتُهم الصحِّية متدهورةً، إلى أنَّ العلاجَ بالتدليك يريح المرضى فوراً، والعلاج باللمس يفيد المرضى أيضاً (وضع الكَفَّين على مناطق معيَّنة من الجسم)، حيث يمكن أن يقومَ بهما أحدُ أفراد العائلة أو متطوِّعين. وقد أُجرِيت هذه الدراسة الأمريكيَّة في 15 داراً للمسنِّين.
ويذكر البحثُ الذي أُجرِي عام 2008 حولَ المكمِّلات النباتية والسرطان، أنَّه بالرغم من أنَّ العديدَ من المكمِّلات النباتية أظهرت فائدتها في التغلُّب على الآثار الجانبية وأعراض المرض مثل الغثيان والتقيُّؤ والألم والإرهاق والأرق، إلا أنَّ الأدلَّة العلميَّة لا تزال محدودة. ويثير استخدامُ المكمِّلات النباتية في أثناء علاج السرطان مخاوفَ الباحثين من تفاعلها مع عقاقير السرطان والعقاقير الأخرى والمكمِّلات النباتية الأخرى.
السلامة: بعض الاحتياطات لمرضى السرطان
قد تتعارض بعضُ المكمِّلات الغذائية مع علاج السرطان؛ فعلى سبيل المثال، قد تؤثِّر عشبة سانت جون St. John’s wort في مفعول بعض عقاقير علاج السرطان؛ كما يؤثِّر تناولُ كمِّيات كبيرة من الفيتامينات (حتى الفيتامين C) في مفعول العلاج الكيميائي والإشعاعي. وهناك العديد من الاحتياطات العامَّة التي يجب الانتباه لها حولَ المكمِّلات الغذائية، فمثلاً تحتوي بعضُ المنتجات على مواد قد لا تكون مذكورة في مكوِّنات العبوة.
إذا استخدمَ من يقوم بالوخز بالأبر إبراً معقَّمة، واتَّبع الإجراءات الصحيحة، فنادراً ما تحدث مضاعفات. يجب أن يتأكَّدَ المريضُ الذي يتلقَّى العلاجَ الكيميائي أو الإشعاعي أن من يقوم بالوخز بالإبر يَتَّبع الإجراءات الصحيحة، ويستخدم إبراً معقَّمة جديدة، لأنَّ العلاجَ الكيميائي والإشعاعي يضعف الجهازَ المناعي لدى المريض.
بالرغم من أنَّ العلاجَ بالتدليك يبدو آمناً، إلاَّ أنَّ المريضَ يجب أن يستشير أوَّلاً مقدِّمَ الرعاية الطبية الذي يتابع حالتَه قبل أن يُقدِمَ على العلاج بالتدليك الذي يشمل الضغطَ القوي على الجسم، فأيُّ ضغط مباشر على الورم غيرُ مرغوب.
أبحاث في الطبِّ التكميلي لعلاج السرطان
● التَّدليك لتخفيف تورُّم الذراعين والساقين (الوذمة اللمفية) المرتبط بعلاج سرطان الثدي.
● طريقة تاي شي Tai chi الصينيَّة للياقة البدنية، والتخلُّص من الإجهاد بالنسبة للناجين من السرطان.
● اليُوغا والجي قونق qi gong للتخلُّص من التعب عندَ الناجين من سرطان الثدي.