المرضُ المُسقِط للحج
ما حكمُ الحج على المريض؟
أجاب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - بالجواب التالي (كتاب تحفة المريض):
إذا كان مرضُه لا يُرجى برؤه، فإنَّه يجب عليه - إن استطاع بماله - أن يُقيمَ من يحجُّ عنه. ودليلُ ذلك قول المرأة الخثعميَّة: (يارسولَ الله, إنَّ فريضةَ الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة)، فقولُها (فريضة الله على عباده في الحج) صريحٌ في الفريضة عليه، مع أنَّه لا يثبت في الراحلة، وأقرَّها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على ذلك, ولم يقل إنَّ أباك ليس عليه حج, ولهذا نقول:
المستطيعُ بماله دون بدنه إذا كان عجزُه عجزاً مستمراً لا يُرجى زوالُه، فإنَّه يجب أن يقيمَ من يحج أو يعتمر عنه. أمَّا إذا كان المرضُ يُرجى زوالُه، فإنَّه ينتظر حتَّى يشفى, ثمَّ يؤدِّي الحجَّ بنفسه. وإذا كان يقدر مع المشقَّة, إذا كانت هذه المشقَّة لا تُحتَمل, فهو كالعاجز نهائياً. أمَّا إذا كانت المشقَّةُ تُحتمَل، ولكنَّ البلدَ أريح له, فهذه لا تمنع وجوبَ الحج.
حجُّ المغمَى عليه
إذا أُغمِيَ على مريض يوم 8 ذي الحجة، ولم يفق إلاَّ يومَ 10 ذي الحجة، فهل يُؤخَذ هذا المريضُ إلى عرفة وهو في حالة الإغماء، أم يسقط عنه الحج؟
أجاب الشيخُ عبد الله البسَّام بالجواب التالي (كتاب رفع المشقَّة والحرج في الأحكام المتعلِّقة بالعمرة والحجِّ):
إذا كان مُغمَى عليه قبلَ الإحرام، فلا يحرم عنه، لأنَّه لا يصحُّ منه حجٌّ ولا عمرة؛ وإن أحرم قبلَ الإغماء، ثم بقي عليه الإغماء من طلوع فجر يوم (9) ذي الحجَّة إلى فجر يوم (10)، فهذا لم يصح حجُّه، حيث فاته الحج؛ وإذا صحا من إغمائه، تَحلَّل من إحرامه بعمرة، فيطوف ثمَّ يسعى، ثمَّ يحلق أو يقصِّر، وصار إحرامُه بالحج عمرةً بدلَ الحج.
لبسُ المخيط
إذا أُجبِر المريضُ على لبس المخيط، هل يأثم وهل عليه شي؟
أجاب الشيخُ عبد الله البسَّام بالجواب التالي (كتاب رفع المشقَّة والحرج في الأحكام المتعلِّقة بالعمرة والحجِّ):
لا يأثم، وليس عليه فديةٌ، فقد عُفِيَ عن المكرَه والناسي.
قطعُ الحج للمشقَّة
إذا ترتَّبت مشقَّةٌ عظيمة جداً على المريض لأداء الحج، ولم يشترط، فهل هو في حكم المُحصَر؟
أجاب الشيخُ عبد الله البسَّام بالجواب التالي (كتاب رفع المشقَّة والحرج في الأحكام المتعلِّقة بالعمرة والحجِّ):
نعم هو حكمُ المحصر إذا لم يستطع أداءَ المناسك؛ وإذا كانت المشقَّةُ هي في طواف الإفاضة والسعي فوقتُهما واسع, فمن الممكن تأخيرُهما، ثم يُؤدَّيان بعدَ مشقَّة الزحام أو مشقَّة العجز عن القيام بهما.
إذا أتمَّ المتمتِّعُ عمرتَه ولم يتمَّ حجَّه لمشقَّة
ذهبتُ إلى الحج متمتِّعاً, وبعدَ أن تحلَّلت من العمرة أحسست بألم في ركبتي أقعدني عن المشي, وقد ذهبتُ إلى الطبيب فنصحني بعدم مواصلة الحج، فرجعت إلى المدينة، حيث أقيم فيها يوم 5 ذي الحجَّة 1400 هـ، ولم أحجَّ, مع العلم أنَّني عندما نويتُ العمرةَ لم أقل: (فإن حبسني حابسٌ فمحلِّي حيث حبستني), والذي أريده من فضيلتكم هو هل عليَّ دم أم لا؟
إذا كان الواقعُ ما ذُكر من أنَّك تحلَّلت من عمرتك وعدلت عن الحجَّة وعدت إلى بلدك قبل أن تحرمَ به، فلا شيءَ عليك, لأنَّ العمرةَ انتهت بأدائها والتحلُّل منها, والحج لم تُحرِم به بعد.
(فتاوى اللجنة الدائمة، فتوى رقم 3483)
أخذُ الأجرة على رمي الجمار عن المريض
هل يجوز أخذُ المال عن القيام برمي الجمار عن المريض أو من في حُكمه؟
أجاب الشيخُ عبد الله البسَّام بالجواب التالي (كتاب رفع المشقَّة والحرج في الأحكام المتعلِّقة بالعمرة والحجِّ):
أخذُ أجرة على القيام بالرمي عن الغير لا يجوز، لكن لو أعطاه المرمي عنه شيئاً كجزاء على معروفه فلا بأسَ بذلك إذا كان ذلك من دون شروط.
التوكيلُ في رمي الجمرات
وكلُّ مريض في الرمي ولم يأته الخبرُ، حتَّى خرجت أيَّامُ التشريق، هل رُميَ عنه أم لا, فماذا يفعل؟
أجاب الشيخُ عبد الله البسَّام بالجواب التالي (كتاب رفع المشقَّة والحرج في الأحكام المتعلِّقة بالعمرة والحجِّ):
عليه الفدية، حيث لم يتحقَّق أنَّه رُميَ عنه.
إذا لم يجد المريضُ من يوكله في رمي الجمار فماذا عليه؟
أجاب الشيخ عبد الله البسَّام بالجواب التالي (كتاب رفع المشقَّة والحرج في الأحكام المتعلِّقة بالعمرة والحجِّ):
إذا لم يجد المريضُ من يوكله ومضت أيَّامُ الرمي وهو لم يرم، فعليه فدية, وهي ذبحُ شاة أو سُبع بَدَنة أو سُبع بقرة, واللهُ أعلم .
ما حكمُ التوكيل في الرمي عن المريض والمرأة والصبي؟
لا بأسَ بالتوكيل عن المريض والمرأة العاجزة، كالحُبلى والثقيلة والضعيفة التي لا تستطيع رميَ الجمار, فلا بأسَ بالتوكيل عنهم, أمَّا القويةُ النشطة فإنَّها ترمي بنفسها؛ ومن عجزَ عنه نهاراً بعدَ الزوال رمى في الليل؛ ومن عجز يومَ العيد رمى ليلةَ إحدى عشر يوم العيد, ومن عجزَ يوم الحادي عشر رمى ليلةَ اثنتي عشرة عن يوم الحادي عشر, ومن عجز في اليوم الثاني عشر أو فاته الرميُ بعدَ الزوال رمى في الليلة الثالثة عشر عن اليوم الثاني عشر وينتهي الرميُ بطلوع الفجر. أمَّا في النهار فلا يرمي إلاَّ بعدَ الزوال في أيام التشريق.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوِّعة للشيخ بن باز رحمه الله).
سقوطُ الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة عن المريض
يقوم المستشفى في أيَّام الحج بمساعدة المرضى الذين يريدون الحجَّ بحملهم في سيَّارات إسعاف وسيَّارات مجهَّزة برفقة عدد من الأطبَّاء والتمريض وغيرهم, وذلك لأداء نسك الحج، فيصعدون إلى عرفة في ضحى اليوم التاسع، ثمَّ ينصرفون من عرفة قبلَ غروب الشمس دون المرور على مزدلفة حتَّى يصلوا إلى المستشفى مرَّةً أخرى.
ما حكمُ هذا الفعل بالنسبة للمرضى والفريق الطبِّي المرافق إذا هم أحرموا بالحج معهم؟
أجاب الشيخُ عبد الله البسَّام بالجواب التالي (كتاب رفع المشقَّة والحرج في الأحكام المتعلِّقة بالعمرة والحجِّ):
الوقوفُ بعرفة نهاراً فقط مجزئ ومسقط لفريضة الحج، ولكن يجب عليهم البقاء في عرفة إلى الغروب؛ أمَّا المبيتُ بمزدلفة فساقطٌ عنهم وساقطٌ عن مرافقيهم، فهم مثلهم في الحكم من حيث الوجوبُ والسقوط.
المريضُ وطواف الوداع
هل الحائضُ والنَّفساء يلزمهما طوافُ الوداع والعاجز والمريض؟
أجابت اللجنةُ الدائمة للبحوث والإفتاء بالجواب التالي:
ليس على الحائض ولا النفساء طوافُ وداع, أمَّا العاجزُ فيُطاف به محمولاً، وهكذا المريض لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا ينفرن أحدٌ منكم حتَّى يكونَ آخر عهده بالبيت) ولِما في الصَّحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: (أُمِر بالناس أن يكونَ آخرُ عهدهم بالبيت إلاَّ أنَّه خُفِّف عن المرأة الحائض). وجاء في حديث آخر ما يدلُّ على أنَّ النفساءَ مثل الحائض ليس عليها وداع.
حكمُ استعمال حبوب منع الدورة الشهرية
هل من المباح للمرأة أن تأخذَ حبوباً تؤجِّل الدورةَ الشهرية حتَّى تؤدِّي فريضةَ الحج, وهل لها مخرج آخر؟
لا حرجَ أن تأخذَ المرأةُ حبوب منع الحمل التي تمنع الدورةَ الشهرية أيَّامَ رمضان حتَّى تصومَ مع الناس, وفي الحج حتَّى تطوفَ مع الناس, ولا تتعطَّل عن أعمال الحج, وإن وجد غير الحبوب شيءٌ يمنع الدورةَ فلا بأس إذا لم يكن فيه محذور شرعاً أو مضرَّة.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوِّعة للشيخ بن باز رحمه الله).
خروجُ الدم في الطواف
في حالة طوافي حدث لي جرحٌ خرج منه دم, فهل يؤثِّر ذلك فِيَّ؟
الأرجح: أنَّه لا يؤثِّر إن شاء الله, وطوافُك صحيح, لأنَّ الجرحَ فيه اختلاف: هل ينقض الوضوء أم لا؟ وليس هناك دليلٌ واضح على نقضه الوضوء, لاسيَّما إذا كان الدم قليلاً فإنَّه لا يضر. وبكل حال فالصوابُ في هذه المسألة: صحَّة الطواف, إذ الأصلُ صحَّةُ الطواف, وبطلانُه مشكوكٌ فيه, والخلافُ فيه معروف, فالأصلُ هو سلامة الطواف وصحَّته, هذا هو الأصلُ, وهذا هو الأرجح.
(مجموع فتاوى ومقالات متنوِّعة للشيخ بن باز رحمه الله).